مقال خاص

الإسلام والديمقراط

Sabtu, 11 Desember 2010 | 10:24 WIB

خلال العقود التي حلت فيها "وكالة الإعلام الأميركية" وألحق ما تبقى من أصولها بوزارة الخارجية، صدر أكثر من ثلاثين تقريراً ودراسة، شملت توصيات وحلولاً مقترحة حول "الإخفاق الأكبر" في مجال الدبلوماسية العامة الأميركية خلال فترة ما بعد الحرب الباردة. لكن مؤلف كاتب "التطرف الإسلامي وحرب الأفكار: دروس من إندونيسيا"، والذي نعرضه هنا، الصحفي المعروف جون هيوز، يتأسف لعدم إحراز تقدم يذكر حتى الآن باتجاه إعادة تنظيم وتفعيل حملة دبلوماسية عامة أميركية ناجحة في مواجهة حملات تزييف الرأي العام والتضليل التي تنظمها الجماعات الإسلامية المتطرفة، خاصةً دور هذه الحملات في تشويه صورة أميركا أمام الرأي العام العربي والإسلامي، حيث لم تنجح حتى الآن الجهود المبذولة لتضمين ثقافة الدبلوماسية العامة في مسؤوليات ومهام وزارة الخارجية. ويعتقد الكاتب أنه ما لم تجدّ الولايات المتحدة في تقديم نفسها وسياساتها لشعوب العالمين العربي والإسلامي، فسيخلو المجال للجماعات الإسلامية المتطرفة كي تصور الولايات المتحدة كما ترى ويحلو لها.
;
ويذكر أن هيوز كاتب صحفي حائز على جائزة "بولتزر" عن تغطياته الصحفية لإندونيسيا، وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" التي لا يزال يكتب فيها عموداً أسبوعياً تنشره مترجماً إلى العربية صحيفة "الاتحاد". ويعمل "هيوز" أستاذاً للاتصالات الدولية بجامعة برايهام. وقد سبق أن عمل مديراً لإذاعة "صوت أميركا"، ومساعداً لوزير الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة في إدارة ريجان.

وفي هذا الكتاب يتناول الدروس المستفادة من تطبيقات الدبلوماسية العامة، خاصة تلك المتعلقة بالبث الإذاعي التلفزيوني خلال سنوات الحرب الباردة، ليستخلص منها استمرار قدرة الولايات المتحدة على مكافحة التطرف إعلامياً ودبلوماسياً، ونشر قيم الديمقراطية، وتحسين صورتها العامة في العالم الإسلامي. وفي السياق نفسه حاجة أميركا إلى إنشاء وكالة مستقلة للقيام بمهام ومسؤوليات الدبلوماسية العامة. ومن شأن هذه الوكالة أن تستفيد من الجوانب الإيجابية في "وكالة الإعلام الأميركية" القائمة الآن -رغم عدم فعاليتها- على أن تتوفر لها أفضل الموارد والمهارات التي تمكنها من التواصل الفاعل مع عالم متغير باستمرار. وضمن ما وصفه الكاتب بـ"أجندة التقدم" يستعرض رؤاه الخاصة حول ما يجب أن تكون عليه وكالة الدبلوماسية العامة الجديدة، سواء من ناحية الميزانية والهيكل التنظيمي الإداري، أم من ناحية القضايا والمواضيع التي يتعين عليها تغطيتها.

ويتألف الكتاب من أربعة فصول هي: صعود وسقوط وكالة الإعلام الأميركية، وتعايش الإسلام والديمقراطية في إندونيسيا، وإندونيسيا: نموذج للتطبيق الإسلامي، وما يجب علينا فعله في مجال الدبلوماسية العامة. ومن رأي هيوز أنه ينبغي لعامة المسلمين المعتدلين محاربة الإرهاب وفضحه، بوصفه نشاطاً إجرامياً لا صلة له بديانتهم التي تقوم على التسامح والتعايش السلمي مع الآخرين. وفي إطار هذه الدعوة، يقدم المؤلف إندونيسيا نموذجاً لنهج التسامح الديني الإسلامي، وللتعايش الحقيقي بين الإسلام والديمقراطية. ومن رأيه أيضاً أن باستطاعة إندونيسيا أن تؤدي دوراً يعوّل عليه في الحد من انتشار خطر التطرف الإسلامي.

وبحسب المؤلف، فإن الرسالة الأساسية التي ينبغي أن يبعث بها المشروع الأميركي لبقية دول العالم وشعوبه، هي اقتسام تراث الحريات والديمقراطية المتراكم فيها مع هذه الدول والشعوب. وفي رأيه أيضاً أن الحرب التي تخوضها أميركا ضد التطرف الإسلامي والإرهاب، تتطلب الدمج بين القوتين العسكرية والناعمة معاً.

ويشرح المؤلف مصطلح الدبلوماسية الناعمة قائلاً إنه خليط من جهود الدبلوماسية العامة، والخطط الإنمائية الاقتصادية، والمساعدات الإنسانية.

وفي خلاصة كتابه، يتوصل هيوز إلى أن بوسع الدبلوماسية العامة الفاعلة إقناع المسلمين المعتدلين بوجود طريقة سلمية، لا تتخذ العنف والدموية وسيلة لتغيير واقعهم المزري، مع العلم أن المتطرفين والإرهابيين يوظفون هذا الواقع اللاإنساني المحيط بشعوب العالم الإسلامي لصالح أجندتهم الإجرامية. كما يستنتج أن باستطاعة إندونيسيا وتركيا، وغيرهما من الدول التي تتعايش فيها الديمقراطية والإسلام، أن تؤدي دوراً في الحد من انتشار خطر التطرف الإسلامي. ومهما كان حجم الاختلاف في نهج الديمقراطية المطبقة في بعض الدول الإسلامية عن النموذج الأميركي الذي أرساه جيفرسون، تبقى قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، قيماً نبيلة وموجهة لجهود وسياسات الدبلوماسية العامة الأميركية.

عبدالجبار عبدالله